آل سكرية في لبنان: إرثٌ عريق ومكانةٌ تاريخية مشرفة

 آل سكرية في لبنان: إرثٌ عريق ومكانةٌ تاريخية مشرفة


آل سكرية، إحدى العائلات العريقة التي تمتد جذورها إلى بلدة الفاكهة الواقعة شمالي بعلبك، وهي عائلة تركت بصمة واضحة في تاريخ لبنان السياسي والاجتماعي. هذه العائلة السنية الأصيلة، التي عُرفت بذكائها السياسي وحنكتها الإدارية، كانت ركنًا أساسيًا من تاريخ المنطقة، ومثّلت نموذجًا للعائلات التي جمعت بين النفوذ المحلي والدور الوطني.


الدور التاريخي والسياسي لعائلة سكرية


تميزت عائلة سكرية بدورها الحيوي في إدارة شؤون بلدة الفاكهة ومحيطها، حيث أُوكل إليها من قِبَل إمارة الحرافشة أدوارٌ محورية كوكالة محلية، لا سيما في جمع الضرائب من الأهالي والمساعدة على جبايتها. لم يكن هذا الدور مجرد وظيفة، بل كان شهادة على الثقة والاحترام الكبيرين اللذين حظيت بهما العائلة في تلك الحقبة.


وقد أتاح لها هذا الدور أن تصبح إحدى الأدوات العسكرية الداعمة لإمارة الحرافشة عند الحاجة، وهو ما عزز مكانتها كعائلة لها وزنها وتأثيرها في الشؤون المحلية.


عائلة سكرية والقائمقامية العثمانية


مع تطور النظام الإداري في بعلبك وتحولها إلى مركز قضاء يديره قائمقام تركي، تمكنت عائلة سكرية من ترسيخ نفوذها عبر شغل مناصب إدارية بارزة في مجلس قائمقامية بعلبك العثمانية (1870-1914). خلال هذه الفترة، برزت العائلة كقوة سياسية سنية ذات تأثير كبير، واستطاعت توسيع دائرة نفوذها بفضل قيادتها الحكيمة وارتباطها الوثيق بمصالح المجتمع المحلي.


دعم الحكم العربي ومعارضة الانتداب الفرنسي


مع سقوط الدولة العثمانية وقيام الحكم العربي (1918-1920)، أظهرت عائلة سكرية ولاءها ودعمها للمشروع العربي، وهو ما عزز مكانتها في تلك الفترة. إلا أن هذا الدعم للحكم العربي وضعها في مواجهة مباشرة مع سلطات الانتداب الفرنسي التي سعت إلى تهميشها، مما أدى إلى تقلص نفوذها السياسي تدريجيًا.


رغم ذلك، لم تتوانَ العائلة عن محاولة التكيف مع التحديات الجديدة، إذ ترشح أبرز وجوهها عبد العابد سكرية للانتخابات النيابية عام 1925، في خطوة تعكس طموحها لاستعادة دورها السياسي في ظل التغيرات التي شهدها لبنان.


الدور الاجتماعي والتأثير المستمر


رغم التحديات السياسية التي واجهتها العائلة في ظل الانتداب الفرنسي، إلا أن تأثيرها الاجتماعي ظل قائمًا. فقد مثلت عائلة سكرية رمزًا للقيادة المحلية الحكيمة والتمسك بالقيم العربية والإسلامية الأصيلة.


آل سكرية ليست مجرد عائلة عابرة في تاريخ لبنان، بل هي حجر أساس في بناء هوية شمالي بعلبك. إرثها العريق، الذي جمع بين النفوذ المحلي والوطني، يجعلها واحدة من أبرز العائلات التي ساهمت في صياغة التاريخ السياسي والاجتماعي للبقاع وللبنان ككل. إنها عائلة تعكس عمق الانتماء والالتزام بالمبادئ، ما يجعل اسمها حاضرًا في ذاكرة الأجيال، كنموذج للعراقة والشرف.




تعليقات

المشاركات الشائعة